في عام
1976، أجريت انتخابات مجلس الشعب، ودخل المجلس 14 نائباً معارضا كان على رأسهم
أبناء "مصر الفتاة"، حزب "العمل" فيما بعد، المجاهدان
الراحلان إبراهيم شكري وحلمي مراد، إلى جانب كوكبة أخرى من النواب الأبطال أمثال
الشيخ صلاح أبو اسماعيل، والمستشار ممتاز نصار، والدكتور محمود القاضي، وعادل عيد،
وكمال الدين حسين.
وكان
للأربعة عشر نائبا قوة ضاربة دفعت السادات لحل المجلس، لأن هؤلاء المعارضين
الأفذاذ رفضوا اتفاقية العار "كامب ديفيد"، ورفضوا توصيل مياه النيل إلى
إسرائيل، وأثاروا الوضع الدستوري لحرم الرئيس "جيهان السادات".
وجاء مجلس
79 ورفض الكثيرون من نواب المعارضة الذين حل السادات المجلس من أجلهم ترشيح
أنفسهم، باستثناء كمال الدين حسين الذي أسقطه السادات، وأرسل "حسين"
يومها تلغرافاً قال فيه (ملعون من الله .. ملعون من الناس من يزور إرادة أمة)، ولم
ينجح في هذه الانتخابات من الأربعة عشر نائبا سوى الشيخ صلاح أبو اسماعيل
والمستشار ممتاز نصار.
واختير
المجاهد الراحل إبراهيم شكري محافظا للوادي الجديد، ثم وزيرا للزراعة. وبعد تحويل
المنابر إلى أحزاب، استقال شكري وشكل حزب "العمل".
وبدأ الحزب
معركة النضال والكفاح ضد معاهدة كامب ديفيد، وتوصيل مياه النيل إلى الكيان
الصهيوني، حتى جاءت اعتقالات سبتمبر 81 وكان من بين المعتقلين المجاهد الراحل حلمي
مراد وأغلقت جريدة "الشعب". وبعد اغتيال السادات أفرج عن د. حلمي مراد،
وعادت "الشعب" للصدور، وعاد حزب "العمل" لسابق عهده يقود
المعارضة المصرية ويوحد الصفوف.
وجاءت
انتخابات 84 بالقائمة النسبية، وتحالف "الإخوان" مع حزب الوفد ورشحت
الجماعة 10 مرشحين فقط، ويومها حدث انشقاق داخل حزب "الوفد" استقال على
إثره الفقيه القانوني وحيد رأفت نائب رئيس الحزب، ولم يحصل "العمل "على
الـ8% وتم تعيين 4 أعضاء من الحزب في مجلس الشعب كان على رأسهم الراحلون إبراهيم
شكري وأحمد مجاهد وسيد رستم، بالإضافة إلى ممدوح قناوي رئيس "الحزب
الدستوري" الحالي.
وتحول
" العمل" بعد دخول المجاهد الراحل عادل حسين إلى الاتجاه الإسلامي،
وجمّع حسين كل القوى الإسلامية وأنشأ التحالف الإسلامي في عام 87 الذي خاض أقوى
وأشرس انتخابات في تاريخ مصر، وتزعم شكري المعارضة المصرية بـ68 نائبا كان للإخوان
36 نائباً منهم وعلى رأسهم المستشار الهضيبي.
وتم حل
مجلس 87 كما حُل سابقه، مجلس 84، لعدم
الدستورية، وبدأ نظام المخلوع مبارك في اضطهاد حزب "العمل" لتقاربه
القوي مع جماعة الإخوان، بل وفتحت الصحيفة أبوابها لقيادات الجماعة، حيث لم يكن
لهم صحيفة أو مجلة في ظل توقف مجلة "الدعوة" وعدم انتظام "لواء
الإسلام" فكان يكتب في جريدة الحزب المرشد الراحل محمد حامد أبو النصر، مصطفى
مشهور، والهضيبي، والملط، وشادي، إلى جانب التحاق كتيبة من صحفيي الإخوان بالجريدة
منهم بدر محمد بدر، وأحمد عز الدين، وقطب العربي، وأحمد السيوفي، وشباب الصحفيين
مثل علاء البحار مدير جريدة "الحرية والعدالة" الآن.
ومرت
السنون، والضربات الأمنية تزداد بطشاً على حزب "العمل" وقياداته إلى أن
أغلق نظام المخلوع الحزب والجريدة عام 2000 ، ولم ييأس حزب"العمل" ولا
قياداته من التجميد ولا الإغلاق، وظل النضال السياسي مستمرا على أشده، بل وتحدى
المجاهد مجدي حسين رأس النظام المخلوع ذاته.
وهنا بدأ
الإخوان الابتعاد عن "العمل"، بل ومحاولة إقصائه تماما، مرة بحجة أن
مجدي حسين لغته "عالية جدا"، ومرة أخرى بزعم أنه "متهور"،
وثالثة أنه "صدامي" ، حتى زار غزة وقبض عليه وسجن سنتين، فأين الإخوان؟
لم يتحركوا،
ولم يشاركوا للإفراج عنه وقد يقول قائل أن محمد عبدالقدوس شارك أو تظاهر، أو احتج
.. فأرد عليه بأن "عمنا" عبدالقدوس لا يمثل الإخوان، وإنما نقابة
الصحفيين.
و عندما
كان حزب "العمل" ينظم مظاهرة ويرفع فيها شعار "يسقط النظام"،
أو "يسقط مبارك" تنسحب الإخوان على الفور من المظاهرة.
وبدأوا
يصفون الحزب بأنه "المجمد" تارة، وأنه "متنازع عليه" تارة
أخرى ، وقامت الثورة، وأصبح للإخوان حزبا وتشكل التحالف الديمقراطي من أجل مصر
وكان أحد نواة هذا التحالف أمين عام الحزب د. مجدي قرقر، واتفق التحالف على تقسيم
نسب معينة على الإخوان و الأحزاب المشاركة في التحالف و كان لحزب
"العمل" 5% من مقاعد مجلس الشعب ، و انسحب "الوفد" و معه
"التجمع" و بعض الأحزاب الأخرى ، و لكن لم يؤثر ذلك على الإخوان ، و
استكملت مشوار التحالف وأعادت توزيع حصص الأحزاب المنسحبة على الأحزاب المستمرة .
و فوجئ
الجميع بأن الإخوان تصر أيضاً بعد الثورة على إقصاء حزب "العمل" تماماً
و تمنحه 0,5% - نصف بالمئة – و أن الحزب محرّم عليه المقعد الأول أو الثاني في
ترتيب القائمة، بل وصل الأمر بالدكتور عصام العريان أن قال "اللى عاجبه يشارك
.. واللى مش عاجبه براحته" .. وعلى قناة "الجزيرة مباشر مصر" يسأله
المذيع عن انسحاب حزب "العمل" من التحالف فيرد: "الأحزاب تنسحب
بالنهار وتأتينا بالليل لتطلب المزيد"!
و انتهت
الانتخابات و شرعنا في تأسيس حزب جديد بدلاً من التعنت المخابراتي من الحزب
القديم. و تأسس حزب "العمل الجديد" ، و أقيم استقبال كبير شاركت فيه كل
القوى الوطنية والسياسية ومن فلسطين شارك د. موسى أبو مرزوق ، و لم يشارك الإخوان
رغم دعوتهم..
لا تدري
لماذا؟
و لا تعرف
سر موقف الإخوان هذا من حزب "العمل"؟
و تجمعت كل
القوى في اصطفاف وطني للوقوف ضد المجلس العسكري و اجتمعت القوى من اليمين إلى
اليسار حتى من اتهمتها الإخوان بالعمالة و الخيانة و الدعارة و أيضاً أقصت الجماعة
"العمل"!
وتشكلت
هيئة المستشارين و المساعدين و الوزارة و المجلس القومي لحقوق الإنسان ،و ما زالت
الإخوان تصر على إقصاء حزب "العمل"، حتى المجلس الأعلى للصحافة يستبعد
اختيار رئيس تحرير جريدة الشعب المجاهد الوطني مجدي حسين، ويكتفي باختيار ثلاثة
رؤساء صحف حزبية هي "الحرية والعدالة" و"النور"
و"الأحرار".
وأخيرا
مساء أمس السبت اجتمع وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود بممثلي 39 حزبا وتيارا
سياسيا وتعمد أيضا عدم دعوة حزب العمل ، وكأن الإخوان عممت منشورا يطالب أعضاءها
بتجاهل الحزب .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا إقصاء حزب "العمل" يا جماعة الإخوان؟!
1 التعليقات:
لماذا لم ينشر هذا المقال فى جريدة الشعب ؟
إرسال تعليق