شهداء عصر التطبيع (1-3)

سعد إدريس حلاوة .. أول شهداء التطبيع

"سعد إدريس حلاوة هو مجنون مصر الجميل الذي كان أجمل منا جميعا وأجمل ما به أنه أطلق الرصاص على العقل العربى الذي يقف في بلكونة اللامبالاة في يوم 26 فبراير 1980 ويتفرج على موكب السفير" هكذا نعى نزار قباني الشهيد سعد ادريس حلاوة .

فى 17 سبتمبر عام 1987 أبرم أنور السادات إتفاقية العار مع الكيان الصهيوني، بعد 12 يوما من المفاوضات فى كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر.

خرج الشارع العربى يغلى رفضاً لاتفاقية العار.. وفى 26 مارس عام 1979 وُقعت المعاهدة، التى سمحت بالتطبيع وتبادل العلاقات الدبلوماسية بين مصر والكيان الصهيوني .

وفي يوم الثلاثاء ٢٦ فبراير ١٩٨٠ كان "إلياهو بن اليسار" يستعد لمقابلة السادات في قصر عابدين ليقدم أوراق اعتماده كأول سفير للكيان الصهيوني فى مصر، وهى أولى خطوات التطبيع مع الصهاينة.. فقرر سعد حلاوة ابن الـ 33 عاما وقف قرار السادات التطبيعي ، وقام باحتجاز مجموعة من موظفى الوحدة المحلية بقرية "أجهور الكبرى" التي تبعد نحو 30 كم عن القاهرة للمطالبة بطرد السفير الصهيوني.

وقام حلاوة أثناء اعتصامه بإذاعة القرآن الكريم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وأغانى عبد الحليم حافظ الوطنية، وخطب جمال عبد الناصر، عبر مكبر صوت مطالبا بوقف العلاقات مع الكيان الصهيوني.

تناقلت الصحف القومية كلام أجهزة الأمن بأن سعد "مختل عقليا"، في ذات الوقت الذي كانت وسائل الإعلام العربية والعالمية، تتحدث عن الفلاح المصرى الذي رفض التطبيع، وتحولت أنظار الإعلام إلى مافعله سعد حلاوة، و امتلأت القرية بمراسلى الصحف والقنوات العربية والعالمية ،بينما وردت عناوين هامشية فى صحف التطبيع المصرية تقول "مختل عقلياً يحتجز رهائن في إحدى قرى القليوبية".

وأدار النبوى إسماعيل وزير داخلية السادات المواجهة مع سعد حلاوة المعتصم السلمى فى مبنى الوحدة المحلية، حتى تمكن أحد قناصة الداخلية من قتله بعد ثلاثة أيام من إصراره على موقفه، ليصبح الشهيد الأول الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

ورثاه الشاعر الكبير نزار قبانى فى قصيدة طويلة، قال فيها: مجنون واحد تفوق علينا جميعا واستحق مرتبة الشرف فى ممارسة الثورة التطبيقية فى حين بقينا نحن فى نطاق التجريد والتنظير، هذا المجنون العظيم اسمه سعد إدريس حلاوة، وعلاماته الفارقة مجنون.