من أسكت سليم العوا؟
يوم الثلاثاء الماضى بدأ المفكر المستنير الدكتور محمد سليم العوا سلسلة مقالات فى صحيفة «المصرى اليوم» حول الحريق الطائفى الذى أوشك على الاندلاع بعد تصريحات الأنبا بيشوى الرجل القوى فى الكنيسة.. وجاء المقال الأول للعوا هادئا وعلميا ووطنيا بامتياز بلا تعصب أو طائفية وختمه بأنه سيستكمل مناقشة القضية فى عدد الغد.. وغاب نهار ونهار آخر دون أن يكمل الدكتور العوا ما بدأ.
كان التوقف المفاجئ لافتا وغريبا ومقلقا فى آن واحد، خصوصا أن الدكتور العوا وكما ظهر فى المقال الأول ــ والأخير ــ كان يحاول رد الأشياء إلى أصولها ووضعها فى نصابها الصحيح، وأزعم أنه كان واحدا من أهم ما كتب لمحاصرة الأزمة وتفكيكها بدلا من إهالة التراب فوقها لتغطيتها مع ما تحمله من عناصر اشتعال جديد فى المستقبل.
تصورت أن جهات بعينها من تلك تتدخل ولا تدخل وتحضر دون أن تظهر قد قررت إسكات العوا ومصادرته، غير أن الرجل أطل علينا مع منى الشاذلى عبر شاشة دريم وتحدث مطولا فى تحليل أسباب الأزمة، ومن ثم لو كان هناك من يريد منعه من الكلام فى الموضوع لما تركوه يظهر من خلال أكثر البرامج الفضائية ذيوعا ومشاهدة.. فضلا عن أنى أعلم يقينا أن العقلاء من القائمين على هذا البلد ينظرون بكل تقدير واعتبار لأداء الدكتور العوا طوال أيام الأزمة.
حتى جاءت «المصرى اليوم» وأعلنتها صريحة أمس «الجمعة» أنها هى التى قررت منع ما تبقى من مقالات الدكتور سليم العوا، بحجة صيانة أمن المجتمع، رغم أن مقالات المفكر الكبير لم تكن تحمل رءوسا نووية أو تمثل أى تهديد من أى نوع لاستقرار الوطن وسلامه، كما أنه فى حدود علمنا فإن شهادة ضمان مصر ليست ملك أحد بعينه.
لكن المثير أن الصحيفة وهى تبرر تراجعها أو تخليها عن اتفاقها مع العوا بدت وكأنها مدرس قدير ينهال على المفكر الكبير بدروس فيما ينبغى ولا ينبغى، ومتى يتكلم ومتى يصمت، رغم أن صحيفة الأخلاق الحميدة كانت صاحبة النصيب الأوفر من الاتهامات التى وجهتها الكنيسة لوسائل إعلام قالت إنها تلاعبت بالتصريحات وتناولت تساؤلات الأنبا بيشوى عن القرآن بشكل أشعل الفتنة.
وإذا كان من حق أى صحيفة أن تمارس حريتها فى اختيار ما تنشره وما تمنعه من مقالات رأى فإنها بالمقابل ليس من حقها أن تمارس نوعا من الوصاية على أفكار الكتاب ومعالجاتهم للقضايا، خاصة لو كان هؤلاء الكتاب بثقافة واستنارة وعقلانية سليم العوا وحرصه على تعميق الحوار الإسلامى ــ المسيحى والذى كان فى طليعة المدافعين عنه طوال أكثر من ثلاثين عاما.
وفى القصة تفاصيل أخرى..
صحيفة الشروق
2/10/2010م
0 التعليقات:
إرسال تعليق