الجمعة، 8 أكتوبر 2010

"دويتشه فيله" الألماني: إقالة أغلى صحفي في العالم لإعادة رسم المشهد الإعلامي في مصر



نشر موقع الإذاعة الألمانية باللغة العربية "دويتشه فيله" تقريرا مطولا عن أزمة الدستور هذا نصه..

أثار قرار إقالة رئيس تحرير صحيفة الدستور ابراهيم عيسى المعروف بانتقاداته للنظام المصري بحجة رفضه منع نشر مقال لمحمد البرادعي، الكثير من التساؤلات حول هامش الحرية الذي تتمتع به وسائل الإعلام المصرية.

قرار إقالة ابراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة " الدستور" المصرية المعروفة بمواقفها المعارضة للنظام المصري، جاء في ساعة متأخرة من مساء الاثنين(04تشرين الأول/اكتوبر) عقب اتصال بين الأخير والمالكين الجديدين للصحيفة، وهما رجلا الأعمال سيد بدوي شحاته، الذي يترأس حزب الوفد الليبرالي، ورضا إدورد، اللذين طلبا منه منع نشر مقال لمحمد البرادعي يتناول فيه الذكرى السابعة والثلاثين لحرب أكتوبر. وبعد اعتراض عيسى على عدم نشر المقال طلبا منه تأجيل النشر ليومين. ولكن وبعد ساعات فوجئ إبراهيم عيسى بقرار الإقالة، حسب روايته لتسلل الأحداث في تلك الليلة. فهل جاء القرار مفاجئا حقا؟ وماهي خلفياته؟

يقول السيد إبراهيم عيسى في حديث خاص لإذاعتنا إنه لم يفاجأ بالقرار بحد ذاته، لكن طريقة صدوره وتبيلغه وسرعة اتخاذه كان مفاجئا ويضيف:" القرار كان مبيتا بطيعة الحال وأنا كنت أتوقعه وأنتظره، ولكن ليس بهذه السرعة ولا بهذه الطريقة، التي تحمل وشما سياسيا وسوء إخراج ضعيف المستوى سياسيا وإداريا".

خلفيات القرار

وكان مؤسس الجريدة وصاحب دار النشر عصام اسماعيل فهمي قد باع الجريدة لرجلي الأعمال السيد بدوي شحاته وشريكه رضا إدورد قبل شهرين، بشرط أن تحتفظ الصحيفة بنهجها التحريري بالإضافة إلى كامل طاقم الصحيفة، بما في ذلك رئيس التحرير إبراهيم عيسى، الذي يقول في هذا السياق إن القضية تتعلق بصحيفة " صنعها بنفسه" على مدى 15 سنة ويضيف " إنها صحيفة منعتها الدولة في عام 1998 وعملت من أجل إعادتها من خلال الحصول على قرار من أعلى مستوى قضائي في عام 2001 ، وتنفيذ القرار في عام 2005 ومثلت من أجلها أمام المحاكم 65 مرة،  بسبب مقالات نشرت في الصحيفة، وحكم علي ثلاث مرات بالسجن لهذا الغرض". ويعبر عيسى عن تأثره بهذا القرار لأن الصحيفة تمثل ذكرياته الشخصية لأكثر من عقد ونصف من الزمن. ولأن إبراهيم عيسى كتب مقالاته "بحبر الدم" وبحبر الأعصاب وبحبر الإبداع" ولهذا كان وقع القرار قاسيا عليه كما يقول في حديثه مع إذاعتنا.

 
"أغلى صحافي في العالم"
ويتطرق إبراهيم عيسى إلى البعد العام للقرار بعيدا عن تأثيراته الشخصية ووضعه في إطار محاولات لتكميم الأفواه ويقول " أنا انظر إلى هذه الخطوة باعتبارها سلسلة من خطوات تكميم الأفواه وكبت الحريات في مصر، سلسلة من تضييق الخناق، سلسلة من تحويل هامش الحرية إلى عدمه وإلغاء هذا الهامش وكأن على مصر أن تعود إلى عام 2004 بلا حركة كفاية وبلا حركات احتجاجية، بلا قنوات فضائية، بلا انترنت، بلا مدونات اجتماعية".

وربما يتساءل المرء عما إذا كان القرار مبيتا أساسا ومنذ يوم شراء الصحيفة من قبل مالكيها الجديدين قبل شهرين. عن ذلك يقول إبراهيم عيسى " بالطبع أتفق مع هذا الطرح وأستطيع أن اقول وأنا مطمئن من أنني أغلى صحافي في العالم العربي وربما في العالم أيضا لأنه دفع ملبغ 17 مليون جنيه مصري لشراء الصحيفة لغرض إقالتي، فأنا أنافس أغلى لاعبي كرة القدم في أوروبا من حيث القيمة". ويشير عيسى إلى أن ما جرى لصحيفة الدستور هو" تحكم رجال الأعمال بوسائل الإعلام المصرية وبإذن وباتفاق ومعاونة وتخطيط من قبل الدولة". فكل ذلك، كما يقول عيسى، تشكل بخيوط داخل نسيج الحكم. فرجال الأعمال يستغلون الإعلام لغرض التنفيس أو خلق أجواء تشبه الحرية أو ادعاء الحرية. ويضيف" وفي اللحظة التي يحتاج النظام إلى تكميم الأفواه يعمل رجال الأعمال بأنفسهم على غلق القنوات او النوافذ الإعلامية فورا أو تدجينها أو استغلالها لصالح النظام. ولذلك يرى عيسى أن "الصحافة تمر بأزمة كبيرة جدا".و " الصحافة الخاصة يجب أن تكون صحافة الشعب يملكها إعلاميون مستقلون وغير مرتبطين بدوائر الحكم في مصر"، حسب تعبير عيسى.

 
رأي خبير إعلامي مصري
ويتفق الخبير الإعلامي المصري ياسر عبد العزيزمع تقييم إبراهيم عيسى لدور رجال الأعمال فيما يخص استغلال الإعلام لصالح النظام ومشاريعه السياسية. ويقول عبد العزيز في حديث مع إذاعتنا إن شراء صحيفة الدستور من قبل رئيس حزب الوفد يدخل في إطار حسابات سياسية مستقبلية تضع الحزب المذكور في وضع يستطيع فيه التعامل مع الأوضاع المستقبلية بشكل يضمن مصالح الحزب وطموحات رئيسه السيد بدوي شحاته ويقول " أنا أستطيع أن افهم إقالة إبراهيم عيسى في إطار تحويل نمط الخط التحريري لصحيفة الدستور في إفراغ الصحيفة من خطها الاحتجاجي وأن تنظم إلى نقطة ارتكاز سياسي يمتلكها السيد بدوي ومشروعه بشكل لا يناقض الحكومة كليا ولكن يعارضها وفي إطار أن يتمركز حزب الوفد تمركزا أفضل في الحياة السياسة العامة والإعلامية المصرية ولا يدخل في تناقض صارخ مع مصالح الحكومة".

ويخص السيد ياسر عبد العزيز مشاريع الحكومة المستقبلية بمحاولات ترشيح حسني مبارك لولاية أخرى أو حتى فيما يخص ترشيح نجله جمال مبارك بالذكر، حسب تعبيره. ويرى السيد عبد العزيز هذه الظاهرة، ظاهرة شراء رجال الأعمال لوسائل الإعلام بشكل واسع بأنها محاولة لإعادة رسم المشهد الإعلامي في مصر على ضوء الانتخابات التشريعية المقبلة في تشرين الثاني/ نوفمبر هذا العام، والانتخابات الرئاسية في العالم المقبل.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

بحث

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م