انتخابات بلا رقابة من الخارج، وبدون تغطية تلفزيونية مباشرة ــ إلا عبر القنوات الحكومية ــ وبلا إشراف قضائى، وأخيرا: غير مسموح بدخول التليفون المحمول للجان.
إذن هى انتخابات مشفرة فعلا، كما وصفها مؤسس حركة كفاية الدكتور عبدالحليم قنديل فى المؤتمر الصحفى للقوى الوطنية الداعية لمقاطعة الانتخابات أمس الأول.
وبصرف النظر عن أن المؤتمر لم يحظ بتغطية إعلامية من الداخل ــ إلا من بعض الاستثناءات ــ فيما اهتمت به وسائل الإعلام الدولية، فإن ما طرح فيه يستحق التوقف أمامه، خصوصا أنه ضم مجموعة من رموز النخبة المصرية المحترمة وشهد حوارا سياسيا جادا ومعقولا.
على أن ملاحظة الإعلامى القدير الأستاذ حمدى قنديل عن غياب الإعلام المحلى كانت فى محلها تماما، وأظنها لم تكن مجرد مصادفة، أو نوعا من الكسل والبلادة، بل هى نوع من الشطارة ــ السلبية للأسف ــ فى سياق تلك السحابة السوداء التى تغطى سماء الإعلام المصرى منذ أسابيع، وبالتزامن مع سحابة حرائق قش الأرز التى باتت طقسا خريفيا مصريا لا يخلف موعدا أبدا.
ولعل أحدث المؤشرات على «تشفير الانتخابات» ما احتفت به جريدة الوفد أمس فى مكان بارز بصفحتها الأولى على لسان «مصدر قضائى بالمحكمة الدستورية العليا» يطالب بمنع دخول المحمول للجان الانتخابية لأن «كاميرات المحمول أصبحت وسيلة لشراء الأصوات»، وكأننا بالفعل بصدد انتخابات حقيقية سيكون للصوت فيها قيمة أو اعتبار.
وبعيدا عن أن الانتخابات المزمع إجراؤها ليست أكثر من «تقسيمة» ودية بين الحزب الوطنى والإخوان والوفد والتجمع والناصرى على طريقة مباريات الاعتزال الاستعراضية، فإن الإعلان عن النية فى مصادرة الموبايل أثناء الانتخابات ليس إلا فصلا جديدا من فصول التعتيم والتشفير والحظر.
ذلك أن هذا الإعلان يأتى بعد أيام قلائل من إعلان «التحالف المصرى لمراقبة الانتخابات» والذى يتكون من 120 منظمة أهلية وحقوقية فى 26 محافظة، على رأسها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن أنه سيعتمد على 1000 مراقب فى إرسال رسائل نصية عن الانتهاكات التى قد تحدث أثناء العملية الانتخابية.
لكنك لا تملك إلا أن تبدى إعجابك بذلك العفريت أو اللهو الخفى القابع فى مكان سرى يرصد أية ثغرة قد ينفذ منها أولئك الأشرار الذين يبحثون عن آليات ووسائل شيطانية قد تخدش حياء الانتخابات وتنقلها من حالة التشفير إلى العلن، ومن ثم فهو يوصل الليل بالنهار كادحا من أجل إطلاق الرصاص على أى شعاع ضوء من شأنه أن يفضح مشاهد «الممارسة الانتخابية» بين الحزب الوطنى وشركاه من الأحزاب والجماعة.
الشروق
18/10/2010م
0 التعليقات:
إرسال تعليق