الدكتور صلاح صادق في ذمة الله.. عاش حراً ومات مهموماً بوطنه

كتب: مصطفى طلعت

<< تتلمذ على يد المفكر محمد حلمي مراد.. وقاد كتيبة الدفاع في قضية أسر مجدي حسين بعد فكه لحصار غزة

<< نجح في طرد الحرس الجامعي.. وأنقذ صرح جامعة الإسكندرية من الانهيار

<< دعا لمليونية في يونيو 2011 للتضامن ودعم استقلال القضاة في ميدان التحرير

<< نجح في سحب الدكتورة الفخرية من سوزان ثابت زوجة الرئيس المخلوع

صدقه ونزاهته وإيمانه برسالة المحاماة جعلته واحداً من كبار المحامين المعروفين في وسطه بالصرامة والالتزام، هو الدكتور صلاح صادق المستشار القانوني لحزب العمل وجريدة "الشعب" وأستاذ القانون الإداري بأكاديمية السادات، الذي وافته المنية الجمعة الماضية.

انضم إلى حركة "مصر الفتاة" منذ أن كان طالباً بالثانوية العامة، وقاد شعبة الحركة بالشرقية، وتتلمذ على يد المفكر الإسلامي الدكتور محمد حلمي مراد نائب رئيس حزب العمل‏,‏ ووزير التربية والتعليم الأسبق، وتأثر به كثيراً بعد أن عمل معه بالمحاماة، ليدخل عالم السياسة على يد أكبر الأحزاب المصرية في ذلك الوقت.

لعب صادق دوراً مهماً في نضال حزب العمل فهو قائد كتيبة الدفاع عن الحزب وقادته في صراعهم ضد بطش النظام السابق ومؤامرة لجنة شئون الأحزاب الأخيرة ضد الحزب بعد قرارها الظالم بتجميد نشاطه وإيقاف صدور جريدة الشعب عام 2000، لمعاركها العاتية ضد المخلوع مبارك ووزراءه الفاسدين وعلى رأسهم زكي بدر وحسن الألفي ويوسف والي.

وتأتي القضية الأبرز التي ترافع فيها صادق هي قضية المناضل مجدي احمد حسين رئيس الحزب بعد سفره لفك الحصار عن غزة، واحتجازه من قبل قوات الأمن فور رجوعه للقاهرة ومحاكمته أمام القضاء العسكري، حينها كان يخرج صادق فور انتهاء الجلسة ويهتف ضد النظام ويطالب بالحرية لأسير فك الحصار.

الباحث في أرشيف الفقيد يجد أن معركته الكبرى كانت مع الحرس الجامعي فهو صاحب الدعوى الشهيرة لرفع الحرس الجامعي خلال فترة حكم المخلوع مبارك، وظل يحارب لسنوات حتى تحقق حلمه وحصل على حكم من القضاء الإداري في 2010 بطرد الحرس خارج الجامعة بعد وجوده لأكثر من ٢٩ عاماً.

أيضاً نجح صادق بمشاركة الدكتور مجدي قرقر الأمين العام لحزب العمل والدكتور عبد الجليل مصطفى المنسق العام الأسبق لحركة كفاية، في سحب الدكتوراه الفخرية من سوزان ثابت زوجة الرئيس المخلوع مبارك، بعد أن رفعوا دعوى قضائية ضد رئيس جامعة القاهرة في نوفمبر 2010 قبل خلع مبارك بثلاثة شهور تطالب بسحب الدكتورة الفخرية من سوزان مبارك.

ومن القضايا التي حصل فيها صادق على حكم تاريخي هي قضية نقل وبيع مقر جامعة الإسكندرية بالشاطبي إلى منطقة أبيس وتدمير صرح جامعة الإسكندرية بقرار من وزير التعليم العالي هاني هلال في فترة حكم المخلوع عالم 2008، فكان صادق محامي المدعين وكشف عن مخططٌ لبيع الجامعة لصالح شركة "إعمار مصر"، وأن نقل الجامعة ومنشآتها يأتي ضمن اتفاقية وقَّعتها الحكومة مع شركة "إعمار مصر" لتطوير الميناء الشرقي بالإسكندرية.

موقفه من الصراع الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني كان معروفاً وداعماً للقضية الفلسطينية في مواجهة العدوان الإجرامي علي قطاع غزة، وأغلب تصريحاته كانت تنادي بطرد السفير الصهيوني من مصر، ووقف كافة أشكال التطبيع بما في ذلك تصدير الغاز الطبيعي والبترول، فهو أحد المترافعين في قضية تصدير الغاز للعدو الصهيوني.

فهو الذي قال عن اقتحام السفارة الصهيونية بالقاهرة في التاسع من سبتمبر 2011 "أن الشباب الذين قاموا باختراق وتحطيم الجدار شباب وطني مائة بالمائة يمثل ضمير الشعب المصري ولا ينبغي لهذا الحدث أن يكون محل تعليقات لزجة تحت مقولة مخالفة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية لأننا نقول متى التزم الصهاينة بهذه الاتفاقيات".

وعلى الرغم من كونه محامياً إلا أنه كان المؤيدين لزملائه من القضاة في صراعهم ضد المجلس العسكري خلال ما فترة ما بعد الثورة، فهو الذي دعا لمليونية في يونيو 2011 للتضامن ودعم استقلال القضاة في ميدان التحرير، وجاءت دعوته على خلفية إحالة وزير العدل المصري ثلاثة قضاة إلى التحقيق على إثر بلاغ من المجلس العسكري ممثلا في القضاء العسكري بتهمة الإساءة للقضاء العسكري عندما طالب القضاة بمحاكمة المدنين أمام محاكم مدنية وليست عسكرية.

عمله بالمحاماة لم يشغله عن الجامعة ومشاكلها فقد كان أول من حدد ملامح لتعديل قانون تنظيم الجامعات بشأن اختيار القيادات الجامعية، وتضمن الملامح التوقيتات الزمنية لرحيل القيادات الجامعية، وإعادة اختيار قيادات جديدة بالانتخاب المباشر.

هذا هو الدكتور صلاح صادق فارس المحاماة الذي اتخذ من منصات المحاكم متكأً للفصل في قضايا هامة تخص أبناء وطنه، ليظل لسنوات ماضٍ في طريقه يقدم صورة مثالية للمحامي في التزامه وسلوكه وأدائه، وندعو من الله عز وجل أن يجعل سائر عمله خالصا لوجه الله وفى ميزان حسناته.